الخميس، 3 مايو 2012

سورة الفاتحة تفسيرها وفضلها


سورة الفاتحة


تعريف(1):
سورة الفاتحة هي أول سور القرآن الكريم وهي سورة مكية من السور المثاني نزلت بعد سورة المدثر يبلغ عدد آياتها 7 آيات. وقد سميت هذه السورة بالفاتحة لأنها تفتتح القرآن أي أنها أول سورة فيه. وسورة الفاتحة تشمل جميع معاني القرآن الكريم ومقاصده فهي كمقدمة للقرآن ككل. فقد تحدثت عن العقيدة، والعبادة والاعتقاد باليوم الآخر والإيمان بالله عز وجل وصفاته، وأفردت الله عز وجل بالعبادة والدعاء وطلب الهداية إلى الطريق المستقيم.وسورة الفاتحة تعلمنا كيفية التعامل مع الله فأولها ثناء على الله (الحمد لله رب العالمين) وآخرها دعاء لله أن يرزقنا الهداية (اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ).
من أسمائها(2):
لسورة الفاتحة كما ذكر السيوطي في كتابه "الإتقان في علون القرآن" أكثر من عشرين اسماً، وهذا يدل على شرفها لأن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى. فمن أسمائها:
أم الكتاب، الشافية، الوافية، الكافية، الحمد والسبع المثاني.
سبب التسمية(3):
تسمى "الفاتحة" لأنها تفتتح بها القراءة في الصلوات.
قال البخاري: "وسميت - أُم الكتاب - لأنه يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءتها في الصلاة".
محور مواضيع السورة(4):
يدور محور السورة حول أصولِ الدينِ وفروعه، والعقيدة، والعبادة، والتشريع، والاعتقاد باليوم الآخر، والإِيمان بصفات الله الحسنى، وإفراده بالعبادة والاستعانة والدعاء، والتوجه إِلَيه جل وعلاَ بطلب الهداية إلى الدين الحقِ والصراط المستقيم، والتضرع إلَيه بالتثبيت على الإيمانِ ونهج سبيل الصالحين، وتَجنب طريق المغضوب عليهم والضالين.
ما ورد فى فضل سورة الفاتحة:
·   من القرآن الكريم:
يقول الله عز وجل في محكم التنزيل في سورة الحجر الآية (87):
"وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ". صدق الله العظيم.
·  من حديث أبى هريرة-رضي الله عنه-(5):
قال مسلم: وحدثناه إسحاق بن إبراهيم الحنظلى أخبرنا سفيان بن عيينة عن العلاء عن أبيه عن أبى هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلٍ الله عليه وسلم- قال:
" من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج–ثلاثا- غير تمام"
والخداج هو النقصان.فقيل لأبى هريرة إنا نكون وراء الإمام فقال: اقر أبها في نفسك فإني سمعت رسول الله -صلٍ الله عليه وسلم- يقول:
"قال الله تعالى: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ
فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي،
وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي،
وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}. قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي وَقَالَ مَرَّةً: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي،
فَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}. قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ.
فَإِذَا قَالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم ْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}. قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَل.
· قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"والذي نفسي بيده ما أنزل الله في التوراة،ولا في الإنجيل،ولا في الزابور، ولا في الفرقان مثلها-يعنى الفاتحة-.إنها لهى سبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته."(6)
· وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال(7):
بينما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعنده جبريل عليه السلام، إذ سمع نقيضاً فوقه، فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال: هذا باب قد فتح من السماء ما فتح قط،قال: فنزل منه ملك، فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: أبشرك بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبيٌ قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ حرفاً منها إلا أوتيته " (رواه مسلم والنسائي عن ابن عباس. ومعنى قوله (نقيضا) أي صوتاً) .
  · عن ابن سعيد رافع بن المعلى قال(8):
" قال لي رسول الله ألا أعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد؟ فأخذ بيدي، فلما أردنا أن يخرج قلت: يا رسول الله إنك قلت: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن؟
قال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ) هي السبع المثانى، والقرآن العظيم الذي أوتيته" رواه البخاري.
·لا تصح الصلاة من غير الفاتحة من حديث عبادة بن الصامت(9):
يقول الرسول-صلٍ الله عليه وسلم-:
"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"
·قال على بن أبى طالب –رضي الله عنه-:
"نزلت فانحة الكتاب بمكة من كنز تحت العرش"(10)
التفسير:
1- بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:
·بسم الله: شبه جملة بمعنى أبدأ القراءة بالاستعانة بسم الله وقدرته وقد بدأ بها كتاب الله الكريم ولهذا تُستحب في أول كل قولٍ وعمل لقوله عليه السلام: "كل أمر لا يبدأ فيه بسم اللّه الرحمن الرحيم فهو أجذم" وتستحب في أول الوضوء لقوله عليه السلام: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم اللّه عليه"(11)
وتستحب عند الأكل والشراب: عن عمر بن أبي سلمة قال: كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا غلام سم الله، وكل بيميك، وكل مما يليك فما زالت تلك طعمتي بعد" أخرجه البخاري(12)
وتستحب عند الجماع لقوله عليه السلام: "لو أنَّ أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم اللّه، اللهم جنبنا الشيطان وجنّب الشيطان ما رزقتنا، فإنه أن يُقدَّر بينهما ولدٌ لم يضره الشيطان أبداً" (رواه الشيخان عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم )(13)
·الله: لفظ الجلالة وهو اسم علم دائما وجامد ليس له اشتقاق، وهو اسم لم يسمّ به غيره تبارك وتعالى حتى فرعون الذي ادعى أنه إله لم يقل أنه الله بل قال كما أخبرنا الله في سورة النازعات:
فَكَذَّبَ وَعَصَى(21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى(22) فَحَشَرَ فَنَادَي (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى(24). صدق الله العظيم
بينما يقول الحق عز وجل في محكم التنزيل في سورة طه الآية (14) مخاطبا كليمه موسى عليه السلام بأنه هو الله فقال:(إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي).صدق الله العظيم
· الرَّحْمَنِ: وصف مقصور على الله بذاته بمعنى كثير الرحمة، ولا يجوز أن يوصف به أحداً من العباد، وهو اسم مشتق من الرحم كما جاء في الحديث القدسي:
"قال الله تبارك وتعالى: أنا الرحمن، خلقت الرَّحِم، وشققت لها اسم من اسمي، فمن يصلها أصله، ومن يقطعها أقطعه فأبتُّه" (14).
·  الرَّحِيمِ: صيغة مبالغة على وزن فعيل من الفعل رحمَّ على وزن فعل بمعنى دائم الرحمة.
وقد بينا أن الرحمن صفة لله الواحد القهار دون سواه أما الرحيم فقد وصف بها الله في القرآن الكريم رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام حيث قال في صورة التوبة الآية (128):
"لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" صدق الله العظيم.
وقد وصف الله عز وجل الرسول ومن معه بأنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم حيث قال في سورة الفتح الآية(29):
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَي عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29). صدق الله العظيم
هذا هو الفرق بين الإسمين الرحمن والرحيم وكلاهما أسمين رقيقين من أسماء الله الحسنى وكلاهما يدلان على عظمة وكثرة ودوام رحمة الله بالمؤمنين وبالناس أجمعين.
حيث يقول الولي عز وجل في سورة الإنعام الآية(12):
قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (12). صدق الله العظيم
2-الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ:
· جملة خبرية بمعنى الثناء والشكر الحسن لله الخالق رب الناس أجمعين فهو الواحد الصمد القهار الذي لا يحمد على مكروه سواه.
·  قال ابن جرير: معنى {الحمد للّه} الشكر للّه خالصاً دون سائر ما يعبد من دونه، ودون كل ما برأ من خلقه، بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد، ولا يحيط بعددها غيره أحد، في تصحيح الآلات لطاعته، وتمكين جوارح المكلفين لأداء فرائضه، مع ما بسط لهم في دنياهم من الرزق، وغذاهم به من نعيم العيش، فلربنا الحمد على ذلك كله أولاً وآخراً.(15)
قال الحاكم: أخبرني أبو بكر محمد بن المؤمل حدثنا الحسن بن عيسى حدثنا الفضل بن محمد الشعراني حدثنا النفيلى حدثنا محمد بن سلمة عن خصيف بن عبدالرحمن عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" لما فرغ الله من خلق آدم أجرى فيه الروح عطس فقال: الحمدلله،  فقال له ربه: يرحمك ربك"
·وفى الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمدلله" رواه الترمزى عن جابر بن عبدالله (16)
· وعن فضل الحمد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنعم اللّه على عبدٍ نعمة فقال: الحمد للّه، إلاّ كان الذي أعطَى أفضل مما أخذ "رواه ابن ماجة عن أنس بن مالك (17)
·وفي الحديث الشريف:
"لو يعلم المؤمن ما عند اللّه من العقوبة ما طمع في جنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند اللّه من الرحمة ما قنط من رحمته أحد  (رواه مسلم عن أبي هريرة مرفوعاً)"(18)
· قال ابن جرير: حدثني سعيد بن عمرو السَّكوني، حدثنا بقية بن الوليد، حدثني عيسى بن إبراهيم، عن موسى بن أبي حبيب، عن الحكم بن عمير، وكانت له صحبة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا قلت: الحمد لله رب العالمين، فقد شكرت الله، فزادك" (19)
·  وقال القرطبي في تفسيره، وفي نوادر الأصول عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن الدنيا بحذافيرها في يد رجل من أمتي ثم قال: الحمد لله، لكان الحمد لله أفضل من ذلك" (20)
·واقترن دائما الحمد بلفظ الجلالة "الله" حتى يكون شكرنا لله على جميع صفاته وقدراته ونعمه التي لا تعد ولا تحصى وذلك من رحمة ربنا وفضله علينا أن يجعلنا نشكره على كل شئ باسم واحد هو الله.
·والألف واللام في الحمد لاستغراق جميع أجناس الحمد، وصنوفه لله تعالى كما جاء في الحديث: "اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله" الحديث (21) .
· وقد جاءت كلمة العالمين جمع للدلالة على أن الله خالق كل شئ في هذا الكون العظيم فالله هو رب وخالق العالمين من إنس وجن وحيوانات وطير وحشرات فهو خالق الكون بأكمله. 
3-الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:
·قد جاء تفصيل معنى الإسمين والفرق بينهما في البسملة.
· الرحمن الرحيم في آية البسملة هي تذكير للاستعانة بالله فكيف لا نستعين بالله وهو يخبرنا عن نفسه بأنه الرحمن الرحيم أما الرحمن الرحيم في الآية الثالثة من سورة الفاتحة فهي لتأكيد معنى الرحمة عند الله فهي مقترنة برب العالمين الذي أوجد النعم على المؤمن والكافر وفى ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يدخل أحدكم الجنة بعمله إلا أن يتغمده الله برحمته فقالوا حتى أنت يا رسول الله ؟ قال حتى أنا" (22)
· وتأكيدا لمعنى الرحمة عند الله روى في صحيح البخاري:
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثتا أبو الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه:إن رحمتي سبقت غضبي"(23)
 4-مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ:
·  قرأ بعض القراء (مَلِك) وقرأ آخرون (مالك) وكلاهما صحيح متواتر، والأشهر  (مالك) وكلاهما بمعنى أن الله وحده هو صاحب يوم القيامة وهو وحده من يفصل بين الناس في هذا اليوم.
· وفى هذا المعنى يقول الله تعالى في الحديث القدسي:
من حديث بن عباس أخبرنا أبو زكريا العنبري حدثنا محمد بن عبد السلام حدثنا إسحاق أنبأنا جرير عن سليمان التيمي عن أبى النضرة عن بن عباس رضي الله عنهما قال:
" ينادى منادٍ بين يدي الساعة: يا أيها الناس أتتكم الساعة فيسمعها الأحياء والأموات وينزل الله السماء الدنيا فينادى: لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار " أخرجه الحاكم في المستدرك .(24)
·ويوم الدين هو يوم القيامة والحساب والجزاء الأعظم وفيه يقول الله في محكم التنزيل في سورة غافر:
" رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)" صدق الله العظيم.
·ويقول الله عز وجل في سورة الفرقان:
"الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26)" صدق الله العظيم.
  5-إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ:
· قال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، وسرها هذه الكلمة: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فالأول تبرؤ من الشرك، والثاني تبرؤ من الحول والقوة، والتفويض إلى الله عز وجل.(25)
·إِيَّاكَ نَعْبُدُ: بمعنى أنا لا نعبد غيرك يا الله ولا نشرك بك شيئا ونخصك وحدك بالعبادة.
· وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ: أي أنك أنت يا الله من نلجأ له في كل شئ ونستعين بك في كل أمورنا.

6-اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ:
· دعاء إلى الله أن يرشدنا إلى طريق الحق وهو الدين الحنيف دين الفطرة دين الأنبياء أجمعين  وأن يثبت أقدامنا عليه حتى نلقاه مسلمين.
·وفي معنى هذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، حيث قال: حدثنا الحسن بن سوار أبو العلاء، حدثنا ليث يعني ابن سعد، عن معاوية بن صالح: أن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، حدثه عن أبيه،
عن النواس بن سمعان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ضرب الله مثلا صراطًا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس، ادخلوا الصراط جميعا ولا تعوجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئًا من تلك الأبواب، قال: ويحك، لا تفتحه؛ فإنك إن تفتحه تلجه. فالصراط الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم".(26)
·وفى إتباع الطريق المستقيم يقول الفيلسوف "لوتسو" في كتابه " الطريق إلى الفضيلة" ترجمة "علاء الديب" : " إتباع الطريق الرئيسي سهل لكن الناس مغرمون بالانحراف عنه "
 7- صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ:
· هنا بيان للطريق المستقيم وهو طريق النبيين والصديقين والشهداء والموحدين وهو الطريق الذي دعا إليه رسول الله صل الله عليه وسلم ومن قبله المرسلين.
·الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ: هم المذكورون في سورة النساء، حيث قال: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70). صدق الله العظيم
· غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ: وهم الذين عرفوا الحق وابتعدوا عنه ولم يعملوا بأوامر الله ونواهيه ولم يتبعوا الرسول وهم اليهود.
· وَلا الضَّالِّينَ: وهم من ضلوا عن طريق الحق ولم يعرفوه وهم النصارى.
·  وقد روى ابن مَرْدُويه، من حديث إبراهيم بن طَهْمان، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المغضوب عليهم قال: "اليهود"، قلت: الضالين، قال: "النصارى" (27)
· ومجمل معنى الآيتين السادسة والسابعة هو دعاء لله لأن يرشدنا ويدلنا إلى طريق الحق الذي هو الإسلام وطريق النبيين والصديقين والشهداء وان يبعدنا عن طريق الخارجين عن رحمة الله والضالين عن الصواب.
الخاتمة:
وفي نهاية قراءة الفاتحة يستحب قول " آمين" بمعنى اللهم استجب ولم يصح قولها باتفاق العلماء بعد أي سورة أخرى غير الفاتحة لذلك لا تكتب في المصاحف.
 هكذا انتهيت من جمع وتفسير ما جاء في الفاتحة وفضلها فما كان من توفيق فهو من عند الله وما كان من تقصير أو خطأ فهو منى ومن الشيطان .
اللهم أجعل هذا العمل في ميزان حسناتنا واجعله لنا وليس علينا
اللهم نسألك الهداية وان تهد بنا ولا تجعلنا من المضلين يارب العالمين.
اللهم ارحمنا واغفر لنا وجميع المسلمين.
اللهم ارحمنا وارحم أموات المسلمين .
اللهم إني أشهدك واشهد حملة عرشك أنى وهبت ثواب هذا العمل لامي وأبى يا رب العالمين
وفى النهاية نسألكم الدعاء بظهر الغيب لا تبخلوا علينا بدعائكم.

المراجع والمصادر:
(1)،(2)،(4) من الموسوعة الحرة.
(3)،(7)، (11)، (13)،(15)،(16) ،( 17)، (22)  القرآن الكريم بالتفسير/ الإصدار الثالث/ تفسير بن كثير /إنتاج موقع روح الإسلام.
(5)، (23) ، (24)جامع الأحاديث القدسية لابو عبدالرحمن عصام الدين الضابطى.
(6)،(10) كتاب أسباب النزول لأبى الحسن بن على بن أحمد بن محمد بن على الواحدى النيسابورى.
(8)رياض الصالحين باب ما ورد في الحث على آيات وسور مخصوصة.
(9) حديث عبادة بن الصامت. اللؤلؤ والمرجان باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة.
12)اللؤلؤ والمرجان /كتاب الأشربة/ باب آداب الطعام وشرابها.
(14)الأحاديث القدسية للشعراوى/الحديث الأول صلة الرحم.
(18) خواطر الشعراوى حول القرآن الكريم/ سورة الفاتحة.
(19)، (20)، (21)، (25)، (26)، (27) مكتبة الإمام بن كثير/ تفسير بن كثير /إنتاج موقع روح الإسلام.










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق