ذكر ذرية إبراهيم عليه السلام:
الأشهر من بنيه إسماعيلُ
إسحاقُ كلٌّ منهما رسولُ
وكان إسماعيل والدَ العربْ
كما سيأتي عند ذِكرِنا النَّسَبْ
وهْوَ الذبيحُ دونما مجادلهْ
ومن يقل إسحاقُ لا برهان لهْ
وهْوَ الذي أبوه قد أسكنهُ
في حرم الله الذي آمنهُ
وقد بنى الكعبة معْ أبيه عن
أمر الإله ذي الجلال والمِنَنْ
وقد رُويْ بناؤه من قبل ذا
وذاك عن أهل الكتاب أُخِذَا
وكان من إسحاق الأنبياءُ في
أولاد إسرائيل لم يُختلفِ
فمنه يعقوبُ الذي بُشِّرَ بهْ
ومنه يوسفُ الكريم فانتبهْ
إبنُ الكريم بن الكريم بن الكريم
الكل أنبياء بالنصّ العظيم
وقد أتت قصته مفصّله
في سورةٍ من المِئِينِ كامله
ومنه أيوب الصبور المبتلى
من ولد العيصِ كما قد فُصّلا
ومنه ذو الكفل وفي نبوتهْ
قولان والجل على نبوتهْ
ومنهموا موسى الكليمُ المصطفى
من سِبْطِ لاوَى وهو صِنْوُ يوسُفا
أرسله الله إلى فرعونا
و قومه الطغاة أجمعينا
من بعد أن في حِجرهِ قد رُبِّيْ
وذاك من أعجبِ آي رَبِّيْ
لينقذ الله الذين استُضْعِفُوا
به ويقصم الذين أسرفوا
وجعل الله له وزيرا
أخاه هارون فكن خبيرا
فجاءهم بأوضح الآياتِ
وأقوم البرهان والعظاتِ
فلم يُجِبْ ويَرْعَوِي عن ظلمه
إلا قليل ضُعَفَا من قومه
وإن تُرِد قِصّته مُستكملَهْ
بيِّنةً مبسوطةً مفصّلهْ
فانظره في العَوانِ أعلى قصص
الأعرافِ طه النمل ثم القصصِ
والشعراء وغافرٍ وغيرِها
لم يأت بسط قصة كذكرها
والمقصدُ الآن انتهاءُ الأمرِ
بأنه إهلاكُ حزبِ الكفرِ
إذ أمر اللهُ النبيْ أنْ أسرِ
بالمؤمنين لجواز البحرِ
ثم نَجَوا إذ لهم البحر انفرقْ
وباء كل المجرمين بالغرقْ
وهكذا سنة رب العرش
في الكافرين بشديد البطش
هذا ولما أن نجى موسى بمنْ
آمن معْه بامتنان ذي المِننْ
وبعد ما رأوا من الآياتِ
وشاهدوا من أبلغ العظاتِ
قد سألوا سفاهةً وجهلا
منه إلها غيرَ ربِّي الأعْلى
وفي ذهابه إلى الميعادِ
كلَّمه الله بلا تِردادِ
وكتب التوراة بالتبيانِ لهْ
موعظةً بيِّنةً مفصَّلهْ
وخالفوهُ سفها فعبدوا
ما السامريُّ صاغَهُ وندَّدُوا
معْ أنَّ فيهم بعده هارونا
عليهموا خليفة مأمونا
فاستَضعَفُوهُ وعَتَوا وكادوا
أن يقتلوه ساء ما قد كادوا
وحينما قد جاء بالكتابِ
عاتبهُمْ بأبلغِ العتابِ
وأحرق العجل الذي قد عبدوا
وعاينوا لعجزِه وشاهدوا
ومعَ ذا حادُوا عن الإيمانِ
وسألوهُ رؤية الرحمنِ
فصُعِقوا وبعد ذا أحياهم
رب السما من بعد ما أفناهم
وكان من توبتهم أن يَقْتلا
بعضهموا بعضا جزاء وابتلا
وقد تولَّوا عن قبول ما أتى
موسى عن الله به و ثبتا
إلا برفع الطور فوقِهم إلى
أن شاهدوا وقوعه لا جدلا
وبعد ذاك امتَنَعُوا أن يدخُلوا
معه إلى القرية بل تخاذلُوا
فعُوقِبوا بالتِّيهِ أربعينَا
عاما وما كانوا بمُهتدينَا
ثم عليهم الغمام ظُلِّلا
والمنُّ والسّلوى عليهم أُنزِلا
وفَجّر اللهُ لهم من الحجرْ
من العيون مشربًا ثِنْتيْ عشَرْ
ومع ذا تعنّتوا في الطلب
وسألوا خلاف ذا من النبي
ومنه ما تعنّتوا عليه بِهْ
في قصّة القتيلِ فيهم فانتبهْ
من السؤال عن صفاتِ البقرهْ
كما أتى تفصيلُه في البقرهْ
وغير من اختلافِهم على
نبيّهم حال حياته ولا
تسألْ عن اختلافهم من بعده
فذاك لا إحاطةٌ بحده
إذْ أُمِرُوا عند دخول القريةِ
بسجدة ثم بقول حطَّةِ
فبدّلوا غير الذي قِيل لهم
فعُوقبوا بالرجز تنكيلا لهم
ومنه ما في قصة السَّبت أتَوْا
من احتيالٍ للحرام فأتَوْا
من ذلك الذّنب فعُوقبوا بما
قد قصّه الله جَزَا من ظَلما
ومنه تكذيبُهُمُوا للرّسلِ
من بعد موسى بافتراءِ الباطلِ
وقتلُهم لأنبياء الله معْ
تبديلهمْ نَصَّ الكتاب بالبدعْ
وغيرِ ذاكَ من أمورٍ قَصَّها
في وحيهِ اللهُ عليكَ نصَّها
فانظر إلى تلاعب الشيطانِ
بهمْ وعُذْ بالله ذي السلطانِ
وبعد موسى يوشع ثم اليسع
شمويل داوود سليمان اتبع
والخلف في عزير هل نبيا
أو كان عبدًا صالحا وليا
وزكريا بعدهم ويحيى
قد حاز كلٌّ حكمة ووحيا
واستشهدا كلاهما إذ قتلا
ظلما وعدوانا عليهما ابتلا
وابن البتول كائن من غير أب
وليس في قدرة ربي بعجب
كلمة الله وروح منه
عبد رسول للبلاغ عنه
خلقه الله الذي قد أوجدا
لكل شيء خلقه ثم هدى
نوع هذا العالم الإنساني
أربعة الأنواع بامتنانِ
فآدم من غير والدين
ومنه حواء بدون مين
وكان من مريم عيسى دون أب
وسائر الخلق فمن أم وأب
ليعلم الخلق شمول قدرته
وفعله ما شاء في خليقته
أرسله الله تعالى منذرا
مصدقا مَن قبله مبشرا
بأن بعده يجيء أحمدُ
فكذبوه جهرة و جحدوا
إلا الحواريين ثم كادوا
يهود إياه وقد أرادوا
أن يقتلوه مثل من تقدما
والله شاء رفعه إلى السما
حيا وسوف دون شك ينزل
لقتل دجال وفينا يعدل
وقتل اليهود شبهه وقد
ظنوه إياه ولله المرد
واختلفوا في شأنه الكفار
وكلهم ظلمة فجار
فبهت اليهود أمه بما
برأها منه الإله في السما
ثم النصارى قد غلوا وضاهوا
وأقبح الكفر به قد فاهوا
وافترقوا في كفرهم أحزابا
عليهم اللعنة لا حسابا
فبين قائل هو الله الصمد
وقائل بل هو لله ولد
وقائل ثلاثة وعدهم
عيسى وأمه ومن أوجدهم
قد كذبوا ليس لربي من ولد
ولم يكن له شريكًا من أحد
تنزه الله وجل وعلا
عن إفكهم وهو العلي ذو العلا
ولم يكن من بعد عيسى من نبي
إلا محمدًا رسول العربي
مفخر هذا العالم الإنساني
وخاتم الرسل بلا نكران
من ولد الذبيح اسماعيلا
وشرعه لا يقبل التبديلا
مادامت الدنيا ولا ناسخ له
فلاتطع زخارف الدجاجله
ثم إلى نوعين يمتاز العرب
وبعضهم إلى ثلاثة ذهب
فعرب الحجاز من عدنان
ثم اليمانيون من قحطان
والخلف في قضاعة هل تتصل
بواحد من ذين أم هل تستقل
وكلهم من ولد الذبيح
على الأصح وهو في الصحيح
والنظم لا يسمح بالتعداد
لنسب الآباء و الأجداد
فارجع إلى كتب بذا الفن تفي
لتعلم الراجح من مختلف
ذكر أحوال الجاهلية وما كان عليه العرب في زمن الفترة:
اعلم بأن الله قد أخبرنا
عن شأن إبليس وقد حذرنا
فتنته وأنه قد آلى
ليغوين من له قد والى
وكان من إغوائه أتباعه
تزيينه الشرك لمن أطاعه
فافترقت أحزابه الغاوونا
كلا أتى من حيث ما يهوونا
ففرقة قد عبدوا النيرانا
وآخرون عبدوا الثيرانا
وآخرون عبدوا الأملاكا
وآخرون عبدوا الأفلاكا
وآخرون عبدوا الأشجارا
وآخرون ألهوا الأحجارا
وآخرون عبدوا الإنسانا
بعضهموا بعضًا رأوا إحسانا
وآخرون الرب جهرًا جحدوا
وللوجود خالقين اعتقدوا
وقال قوم مثلهم و زادوا
لا بدء للخلق ولا معاد
وغير هذا من ضلال وردى
وطرق بعيدة عن الهدى
وقد مضت أزمنة و العرب
على الحنيفية لم ينقلبوا
حتى إذا ما جاء عمرو بن لحي
وسوس إبليس له من كل غي
فأدخل الإشراك في تلبته
واستخرج الأصنام من كنانته
وهي التي في قوم نوح عبدت
وبعد إغراقهموا قد فقدت
ودّا سواعا ويغوث نسرا
يعوق قد دعى إليها جهرا
فكل من أجابه لما دعا
إليها منها واحدًا قد دفعا
وشرع النذر لأجل النصب
كالحام والبحيرة السوائب
وعمت البلوى بها وكثرت
وبين أكثر العباد انتشرت
كنحو عزى ومناة وهبل
وكم سواها كان يدعى ويجل
ونصبوا من ذاك حول الكعبة
ستين من بعد ثلاثمائة
بل كل دار أهلها لهم صنم
يرجون خيره وكشف ما ألم
هذا وهم يدرون أن الله لا
ربًّا سواه خالقا مفتعلا
وأنه البارئ والمصور
وكل ما يشا عليه قادر
وأن كل هذه الأصنام لا
تملك من خير ولا دفع بلا
بل زعموا وسائطا وشفعا
تزلفهم من ربهم فشنّعا
عليهموا الله وسمى ذلك
شركًا صريحًا بالعزيز المالك
وكان من أكبر شبهة لهم
أن قد عليها وجدوا أولهم
فكان ذا جواب كل الأمم
عن ما له قد أنكرت رسلهم
قالوا وجدنا هكذا آباءنا
وقد جعلنا بهموا اقتداءنا
وقد نفى شبهتم تعالى
بكون آبائهموا ضلالا
وكان من أمرهم التحاكم
إلى الطواغيت وأن يستقسموا
في أي أمر ناب بالأزلام
ويسألوا الكهان باستعلام
عن غائب وما يقولوا صدقوا
يرون نصحا مابه قد نطقوا
ومنه الاستنكار للميعاد
وجحدهم قيامة الأجساد
ومنه الافتخار بالأحسابِ
والطّعن إن أمكن في الأنسابِ
ونخوة الجهال كالتعصب
للشعب لو بباطل مرتكب
والوأد للبنات خوف العار
وللذكور خوف الافتقار
ومنه رد الحق إن جاء معا
من يكرهونه و لو متبَعَا
ومنه الافتخار بالمظالم
وبعضهم كان يعين الظالم
ومنه الاستسقاء بالأنواء
والحلف بالأولاد والآباء
والنوح والتعداد للمحاسن
من ميت لو كذبا للفتن
وغير ذي مما لها الله ذكر
في الوحي تحذيرًا لأرباب البصر
وقد بقي من دين إبراهيما
وحسن خلْقٍ لم يكن ذميما
كالحج والطواف والتعظيم
للبيت والسعي بلا توهيم
والصدق في الغالب والإكرام
لوافد وصلة الأرحام
كذا مواساة الضعيف فاعلم
والعتق مع تصدق لاتِهِم
ونصرة المظلوم والشجاعه
والصبر في اللقا والاستطاعه
كذا إبا الضّيم وغير ذلك
وذمّهم من لم يكن كذلك
مع كونهم قد غيروا الكيفيه
من بعضها وأصلها شرعيه
نحو وقوفهم بدون عرفه
بل ألفوا الوقوف بالمزدلفه
وكالتعري حالة الطواف
و غيره هذا مثال كافي
فبعث الله محمدًا إلى
جميعهم إنسًا وجنا مرسلا
ثم عليه أنزل القرآنا
لكل شيء كائنٍ تبيانا
فقام فيهم آمرًا وناهيا
وللصراط المستقيم هاديا
وكل خير فبه قد أمرا
إياهموا وكل شرّ حذرا